الثلاثاء، 4 مارس 2008

حشرات ووقاية





ـ ضحك ـ

لاتخلو حياة من ضحك. ضحك حقيقي ابيض. واكثره بياضا هو مانعثر عليه في مصحات الامراض العقلية. ضحك نابع من القلب. حين يهاجر القلب الى جهة والدماغ الى اخرى. حين تنفصل مضخات عذابتنا وتحلق بعيدا عن شراكة العواء.


ـ شجرة ـ

في جزيرة تقع في المحيط الهادي. ويقال انها نفس الجزيرة التي وصلها اليها السندباد وقص عنها حكاياته العجيبة. توجد هناك شجرة تقتات على البشر والحيوانات. سكان الجزيرة يؤمنون بان ارواح اجدادهم والهتهم تنام في اوراق هذه الشجرة. تلف الشجرة فريستها باغصانها وتلتصق الاوراق على الجسد ثم تمص بشبق الا ان تترك الفريسة هيكلا ناشفا من دون قطرة حياة واحدة. السكان يعبدونها ويقدمون لها القرابين. كل عام يهبونها جسد. اختيار الضحية يتم عن طريق الحلم. كل من يحلم في نومه بانه واقف تحت الشجرة من الاهالي عليه ان يعترف بذلك الى كهنة الجزيرة. ومن يخفي هذا الامر فأن لعنة ستطارده طوال حياته. لهذا كان الحالمون يتقدمون طوعا ويهبون اجسادهم لجوع اسلافهم وجوع الالهة. هذا تعريف مكثف ينطبق على شجرة الاحاسيس الملعونة في بدايات كل منفى. ومع تقادم الزمن يتحول المنفى الى دولاب هواء من السعادة. الى غفوة لذيذة على شاطئ البحر. بعد مرحلة الشجرة التي تشفط .



ـ قاتل ـ

على كل رصيف يمشي قاتل. في كل بار. في الجامعة. بين العائلة يجلس. في حديقة الحيوانت يداعب رقبة الزرافة. على الشاطئ يحدق في مؤخرة العجوز الميتة. في السوق يبيع التفاح. في الطائرة بين المسافرين. يصلي في الجامع. على المصطبة يقرأ صفحة الوفيات في الحديقة العامة. قاتل في كل زاوية. صديقك الذي مات قاتل . الامهات اللواتي يرضعن الاطفال، يختبأ قاتل ما خلف كل هذا الحليب. بين طيات هذا الشارع يكمن الف قاتل. بين المرأة التي قالت احبك وبين المرأة التي قالت انك غير موجود. امرأة قاتلة. يبقى انني احاول ان لا اقتل قبل ان اتمكن من غرز السكين في خاصرة من اطلق علي الرصاص. وأن لم يمت . يكفي انني ساحلم في موتي انني تركته ينزف. بل على الجميع ان ينزفوا ويتذوقوا طعم الرعب والخيبات وان يتعرضوا للخيانة باكثر من طريقة وعلى فترات زمنية متعاقبة وان يغرقوا في نهر وان ينقذوا في اخر لحظة استسلام وان يروا الله على هيئة عقرب اصفر يدب فوق ايامهم وان يقتل لهم اطفال وامهات وعشاق وان يقرأوا القصائد التي لا تعني سوى بصب الزيت على النار. القصائد التي تفتح رقبة الحياة من اجل دم الحياة. الكلمات التي لا تقرأ الا على ضوء مشنقة ، كلما اراد هذا الكائن المريض الهرب من التعاسة الى الطمانينة. ان لا يتبقى منفذ ولا خلاص. سوى بالرضوخ الى هلع : ان القاتل يشرب الشاي ويبتسم اللحظة على طاولتي. القاتل يمشي ورائي



ـ شاعر ـ

اتعس ما في الشاعر هو مرض يجيده اغلب الشعراء. التظاهر بالموت كلما شعروا بالخطر. ينقلب الشاعر على ظهره في الازمات ويدعي ان قلبه توقف من الذعر ولا يمكنه المواصلة. وحين تبتعد الحشرة او الحيوان المهاجم. تعود الحشرة التي تصطنع الموت الى الحركة وتدب فيها الحياة من جديد. اما حشرة الخنفساء (الطقطاقة) تلقي بنفسها بسرعة على ظهرها وتخرج مفصلا من صدرها يحدث صوتا . تظن ان هذا الصوت قذيفة من الرعب تدافع بها عن نفسها. وتبدا بتحريك جسمها وتهزه بقوة الى الاعلى والاسفل. لكن جميع القصائد الصادرة بهذه الطريقة هي مجرد وسائل دفاعية اكل وشرب عليها الزمان. ثم ان القصيدة ليست حشرة تصطنع. القصيدة انتحار

ـ سر ـ
للتخلص من النمل وجعله يهرب. رشه بالملح او ماء به صابون. من جرح كذلك. لتجنب عثة الملابس من خلال تخزين القمصان في مكان بارد وجاف. من ميت نحبه في قبر بنفس مواصفات التخزين. في المطبخ حين تقومين سيدتي يتحضير اللحم وتقطيعه هناك حشرات طائرة. اشعال شمعة قرب اللحم قبل الشواء تجنبه الحشرات. وحين تفكرين بلحم زوجك، شمعة ايضا. البعوض هو فكرة من خلال استشعاره الكميائي واستخدامه الرئحة لتحديد مكان طاولة غذائه. ومنها رائحة اوكسيد الكاربون اللذي يخرجه الانسان اثناء الزفير. كل من يعيش ويتنفس على كونه نبتة بعيدة على سفح جبل مبهم. يكون درعا ضد لسعات الحياة الصغيرة. يحافظ على دمه. يهب الوجود وجبة كاملة. لسعة العتمة عزيزي الفريسة.



ـ وقاية ـ

الجميع سمع ب : الوقاية خير من العلاج. تكون الوقاية الاولى بامتياز. امساك الجسد مثل زب الصباح. وافراغه دفعة واحدة من الاحاسيس الزائدة. مع رعشة لذة التبول. ومن هذه السوائل الكريهة يمكن افراغ : الاحساس الامومي الذي نتعامل به تجاه الكتابة. الاحساس بالجدوى. كل اصناف احاسيس احلام اليقظة التي غالبا ما تمدنا بطاقة التشبث. الاحساس بالحواس. كل تذوق وابصار واصغاء وشم عليه ان يتعطل. وان لا تبقى غير حاسة حيوانية واحدة في الجلد. لئلا تختفي نعمة الحك ونحن نفرش جلودنا المسلوخة تحت شمس الصباح بعد التبول بالتاكيد. راجع ارشادات الوصفة جيدا. وابعد هذا الدواء عن متناول النساء والاطفال والرجال الطموحين. شكرا على هذا اللقاء التلفزيوني القصير.


ـ لسان ـ

اشرب الماء كثيرا هذه الايام. احاول ان اقلل من اهمية الضوء. اريد ان الآصق روحي. اريد عتمة استل منها ضوءا. وقمت هذه الايام ببعض المحاولات للتقليل من اهمية الذاكرة دون جدوى. اريد ان اتقدم في الحاضر مثل جندي ملطخ بدخان نهاية المعركة. احلم بهزيمة السخام. ومرات انط من الفرح وانا اتسلق ارصفة الشوارع ليلا. مثل نيوتن اصيح : وجدتها !!الهزيمة قفل. اغلاق محكم للسان الامل المسموم.




ليست هناك تعليقات: