الثلاثاء، 4 مارس 2008

الفزاعة










ـ نص للاطفال المشوهين ـ

عمري بضع قطرات من بحر الزمن ، لكنني ابدو عجوزا هرما. بشاعتي هي السبب. لكنهم يقولون في الكتب ان بشاعتي هي مصدر رزقي وحياتي. فحين بذر ابي ارضه الغامضة هذه ، اختار لي مكانا وسط الحقل وزود راسي بدماغ من قش ، لذا يبدو لي مايحيط بي من حياة هو مبهم الى حد الألم . أعرف بأني مجرد ذكر ببغاء أحمق يلوك الاسئلة الباردة نفسها ويصرخ ، وحيدا ، جائعا في قفصه من دون امل: ما معنى كل هذه العواصف ، ما هذه الشمس الحارقة ، لم هذا الارق ، ماهي هذه المغامرة ياابي : حقل جميل وفزاعة قبيحة غير قادرة على العيش بسلام . كم بودي ان تفهم ياابي باني لا اقوى على الرضوح لما لايمكنني فهمه ، هل أردتني مجرد علامة فزع تطرد الغربان والاشباح. انا ممزق ياابي بسبب قبحي وجهلي. ثم الا يمكنك ان تشتري لي قميصا ابيض نظيفا. ما هذه الخرقة التي رميتها علي وكأنني شحاذ. انا ابنك ياابي ، ابنك الذي يحرس بذورك ليل نهار. انا خائف ياابي اكثر من الطيور التي تظن انني أخيفها، أنا اشعر بالبرد ، بالوحشة ، اشعر بمرارة ما انا عليه ياابي. لم تترك المطر يبلل روحي بينما تنام انت في بيتك الآمن. لماذا يبزغ الفجر وتغرب الشمس ، ماعلاقتي انا بلعبة الضوء والظلام هذه طالما الريح ستقتلعني في نهاية المطاف. هل خلقتني حقا من اجل ان احرس بذورك ام من اجل ان تحرس وجودك بالسخرية مني. هل تعلم ياابي أن غرابا متسولا من هذه الغربان الكثيرة التي تحط على كتفي ، روى لي ذات مساء ، قصة فزاعتك التي اسميتها المسيح. كم مصلوبا تحتاج يا أبي لتفتح لنا باب بيتك المشفر ونستريح. كم شيطانا سيكرع دمي. كم غرابا سيفقأ عيني. ستكبر بذورك هذه وتصبح ارغفة خبز ، ربما اكون انا قد مت ، وستولد فزاعة اخرى للموسم القادم ، لكن ماجدوى طاحونتك العملاقة هذه ، الايمكنك ان تفشي بسرها لابنائك الصغار ، المتوحشين ، التائهين ، المصابين بالوهم والحمى. لم تبدو هذه الحنطة والطيور والحشرات والابقار اسمى مني بكثير ، لم تبدو سعيدة ، تتيه بحريتها ومن دون ندم ، لم ياابي جئتني وحدي بكل هذه المهام من دون ان تمنحني الامل ، ارمقني بنظرة واحدة فقط ولو من طرف عينك ان كنت تظن انني استحق كل هذا العذاب. انا اكرهك ياابي واكره ارضك وفكرتك هذه ، وان كنت تنتقم مني طوال النهار ، فساواصل انا الغناء طوال الليل ، ساغني كل قصائد الحقد ، ساستعير من الخفافيش اجنحتها واحط في اعشاش ماتسميه خيرا وجمالا ، لن اترك اي فرصة و لا أخونك فيها، ساتواطئ مع كل انواع الدود والسحالي واللصوص كي نخرب ارضك. سأدل الاخرين على بذورك ليفسدوها. عليك ان تعرف ياابي بانني لن أغفر لك هذه العتمة التي القيتني في قرارها من دون ذنب. لم ياابي كل هذا ، ارجوك ، انا ابنك الذي نصبته على ارضك : ملكا للبشاعة والخوف. تعال ياابي ولنتصالح ، ان لم تكن قادرا على اخباري بمامعنى الحياة ، افصح لي عن سر صغير اخر من اسرارك التي لاتعدّ ، اهمس في اذني فقط : ماهو نوع الطيور في حقل الموت الذي سأعمل فيه بعد الآن ؟

ليست هناك تعليقات: