الثلاثاء، 4 مارس 2008

الخامسة صباحا وقت غير مناسب للكتابة







مع ذلك الساعة الآن هي الخامسة صباحا. مطر خفيف. كلماتي على الطاولة في مسوّدة كتابة قصيرة. ربما قصة عن امرأة تصرخ ورجل يستغرب. على الطاولة زهور مملة أيضا. جلبتها صديقتي من حديقة غير مناسب المنزل الخلفية. رواية الجميلات النائمات للمنتحر كاواباتا ، أرسلها لي قبل أيام صديقي الشاعر. منفضة سجائر تشبه دبابة محروقة. علبة صلصلة. مناديل ورقية، في بعضها ُمسح مني ، وبعض طعامٌ. مملحة صغيرة. بقايا رز في صحن، وبقايا حساء في صحن آخر ُنقشت في قعره إمرأة عارية تحت شجرة تفاح. أوراق منثورة. قلم رصاص. ملعقة نظيفة زائدة عن الحاجة. كيس صغير من دون سبب لتواجده. كأس ماء فارغ. كوب قهوة. كأس آخر جميل. أحساس شاهق بالعجز ! كلماتي السرية ، تحرس دمي. لا أحد يلمسها، خمس عيون زرق فوق باب قلبي، ربما هي حرز ضد الحسد ومحن أخرى... كلماتي الكئيبة ، تشع بحقد ، كماسة سقطت في إناء نار. اما كلماتي البسيطة ، فهي بنت عارية تغفو على ذراع أمها العارية. شرشف النائمتين بلون البرتقال. لكنني أنتظر الصراخ. إمرأة ما في هذه المسوّدة الصباحية ، تظهر من الكلمات مثل شبح جريمة في لوحة مائية. تنهض عند الفجرمثل حيوان أيقظته الإثنتان : المعدة والغريزة التي جاءته منحة ربانية من دون سبب. حيوان بلا رأس.هو مثل حيوان يغطي عينيه بقبعة من الدم. كل الصور لهذا الفجر هي لحيوان إمرأة. حيوان خرج للتو من رئة المقبرة. تنهض هي من فراشها مسلوخة عن الزمن. ببطء تقف مثل حيوان. يختنق الصراخ في جمجمتها. تنتهز اللحظات المتقطعة التي تشدها لوعيها وتغيب لتجرّب : أن تدفع بصرخة . متأرجحة ً بين هذا وذاك ، تترك للفجر فسحة أن يدرك بانها حيوان يعوي من الفتحة التي شقها في رأسها قاتل بارع. إنها تعوي كي تفيق المدينة فجرا على صوت كلماتي المخيفة. كلماتي نساء عجائز، يسرقن أقدام الفتيات، ويطلبن الموت من شمس النهار. وفي قصص الاصدقاء عني، كلماتي تضحك. يلقونها في الهواء ويتذكرون. عندها يبقى الحزن معلقا في الهواء. كلماتي المريضة ، تسند رأسها على صدري وتهذي : أسماك ، سعادة . كلماتي المتبقية ، لاتكفي لطلب النجدة. كلماتي الأخرى أيضا هي كلمات إمرأة تصرخ. بعد قليل سيفيق الجميع. ساعات وتبدأ ماكنة العيش بالصرير. رغم أن الجميع متعب. رغم أن كل واحد في جيبه شكوى وحسرة. نشاهد اللحظة من النافذة ، ثلاثة رجال يعقدون صفقة. ثلاثة رجال يعدون السنتات لشراء زجاجة فودكا، وهم يترنحون من سهر الليل وخمره. ثم مرت فتاة فوق دراجتها الهوائية تشبه الممثلة نيكول كيدمان. كم أتمنى أن أقود شاحنة بنزين تعطلت فراملها على الطريق السريع ، مثلما يحدث في الافلام الهوليوودية. شاحنة كلمات نفطية. ضعْ بضعة سنتات في يد كل واحد من الرجال الثلاثة وإذهبْ معهم الى الحديقة العامة. ولم لا ؟ إنها ساعة صباحية مباركة لشرب الكحول. إمرأة تصرخ بين ضلوعي. امرأة مصابة بطلق ناري في كبدها. امرأة أمزقها للمرة العاشرة ولتستقر في سلة المهملات. تفوح رائحة كلماتي من سلة المهملات مثل رائحة براز طفل. كلماتي التافهة تعفنت. المرأة نائمة في السرير. المرأة الوحيدة هي صديقتي. عليّ التوقف عن تعذيب الأخريات على الورق. لن تكون هناك قصة ولا قصيدة. وهذا الصباح بحاجة الى ثلاثة رجال كحولين يضحكون في الحديقة العامة. يضحكون في أسفل الأشجار المبتلة بالندى. لم يخلق الصباح للكتابة وهذه قضية من قضايا العار أيضا. لا تستحق الحياة غير أن تملأ بالمزيد من زجاجات الكحول الفارغة. أوثقُ ذراعي صديقتي وساقيها في السرير وأكمم فمها. حين أغتصبها تضحك وتقول : لا تلعبْ في هذه الساعة ، تعال الى جواري. سأضع النقطة الأخيرة بعد السطر القادم. سأضع نقطة من المني على جلد الساعة الخامسة صباحا. سأضع النقطة وأنتظر تسعة شهور لولادة هذه الحكاية.

* مسوّدة قصة نسي كاتبها تبييضها ...

هلسنكي - تشرين الثاني 2007

ليست هناك تعليقات: